English 
Arabic

المرأة النازفة

 إنّه يسوع الحبيب، ويريدنا أن نكون ذا رجاءٍ وإيمان به كي ينسكب كلّ الحبّ فينا، شافيًا النفس منّا قبل الجسد. هو الوحيد القادر أن يعيد لنا بهاء صورته ومجد قوته وهو الوحيد الّذي يعيد لنا ذاتنا المفقودة في النزيف الروحي.

 

انتصار الايمان
 

30/9/2018


من لمسني ؟؟ قال الرب يسوع …

من لمسني؟؟

 في عمر تفتّح الوردة في حياة الصبيّة، علامة نضوج الحياة فيها، تراها تموت في وقتٍ كانت المرأة النّازفة تبحث عمّن يوقف دفّق الدم الخارج عن نطاقه الطبيعيّ.

*– الأولى ترقد على رجاء قيامةٍ لم تُختَبَر بعد. والثانية حيّة لكنّها منساقة نحو موتٍ حتميّ تبحث عن شافٍ لها.

*– الأولى أورشليم إبنه أهل الوعد و”الشّعب المختار” قد ماتت، والثانية إبنة الشعوب الاُمَمِيّة، لم تحصل على عهد المصالحة بعد.

*– الأولى تمثّل  ذاتنا الشخصيّة التي حسبناها ملكنا فتملّكنا عليها وأغلقنا، فهجرها الإيمان والرّجاء، ومات الحبّ فيها.

*– والثانية تمثّل الآخر في البشرية جمعاء، التي ما زالت تسير باحثةً عن خلاصٍ حقيقي وتتمنّى لو تصل إليه فتلمس “هدب” ثوبه، فتحصل على النعمة والشفاء، فتستريح.

*– في الأولى، نجد أنفسنا اليوم في غيبوبةٍ روحيّة عميقة تلبس الموت في كفنٍ أبيض يتحرّك متباهيًا إنّما دون حياة… وفي الثانية توقٌ للشفاء من مرضٍ مجهول الهويّة، يُشعِر غالبيتنا بغصّة في الأعماق، وبحاجةٍ إلى شيءٍ ما لا نستطيع تحديده لملء فراغٍ مخيف، يبحث كي يتعرّف إلى صاحب ذاك الثّوب المنير الشّافي، صاحب طريق الإيمان والحياة.  

أنفقت… ولم تُشْفَ

كم ننفق من أوقاتنا وأموالنا باحثين عن دواءٍ لشفاءِ جراحاتنا، وانكساراتنا النفسيّة الّتي ترمينا في نزيف العفن الدّاخليّ، والدموع القلبيّة المريرة، والألم الممزِّق لأحاسيسنا؟ قد لا نضَيِّع فرصةً توهمنا بالسعادة والحياة الهنيئة إلاّ ونركض وراءها كي نستقرّ، فتصطادنا هي بدل أن نصطادها، وتعمّق الأسى فينا بدل الطمأنينة والسّلام، فيبقى النزف مستمرًا، مسبباً فينا ضعف الحبّ والفرح إلى أن نموت فيه، إلاّ إذا آمنا وذهبنا ولمسنا ثوب الحبيب. ربّما نُماثِل المرأة النازفةِ في لمس الهدب من الخلف خجلاً من مواجهة الحبيب، وخوفًا من أسئلةٍ ننتظر: “كنت أبحث عنك، أين كنت طوال السنين الماضية؟ لِما لم تأتني إلاّ متأخّرًا؟….” ولكن أيًا من كلّ تلك الأسئلة لن يطرح علينا ولن يعاتب، مهما تأخّر وقت لمسنا لثوبه؛ جُلَّ ما يريده، أن نُقبِلَ إليه واثقين ننتزع منه الشفاء، فيُسَرّ ويفرح لفرحنا! إنّه الحبيب، ويريدنا أن نكون ذا رجاءٍ وإيمان كي ينسكب كلّ الحبّ فينا، شافيًا النفس منّا قبل الجسد. هو الوحيد القادر أن يعيد لنا بهاء صورته وهو الوحيد الّذي يعيد لنا ذاتنا المفقودة في النزيف.

من لمسني

وأنت تقرأ هذه الكلمات وكأنّي أسمعك تقول:” يا لفظاعة يسوع هذا! ” هو العالم بمشكلة تلك المرأة، فكيف يشير إلى ما فعلته في العلن فاضحًا أمرها؟ إن غصنا في باطن تلك المرأة، ورغم ظاهرها المرتعب، نرى هناك ما يتراقص مع نغمات القلب فرحًا ويقول:” أناااااااااااااا هي تلك الّتي كانت مائتة النفس وعاشت. أنا هي تلك الّتي كانت فاقدة القيمة والمكانة بين الأهل والنّاس. أنا تلك الباكية بصمتٍ والمنازعة بالآهات المخنوقة في حنجرة الحياة. أنا هي ! وليس سِواي!” أمّا بسؤاله هذا وكأنّه أعطاها أمام الجموع كلِّها، صكّ براءةٍ من المرض وشهادة تفيد بنجاحها الإيمانيّ في استعادة كلّ ما فقدته في كلّ مكانٍ وزمانٍ ومع أي كان! هذا هو يسوع، هذا هو الحبّ المنسكب حتّى الثمالة… أفلا يستحقّ منّا الإيمان العظيم، هذا الّذي طلب أن يكون لنا منه مقدار “حبّة الخردل”؟

 

هذا هو يسوع، هذا هو الحبّ المنسكب حتّى الثمالة… أفلا يستحقّ منّا الإيمان العظيم، هذا الّذي طلب أن يكون لنا منه مقدار “حبّة الخردل”؟