English 
Arabic

 

الصلاة تصنع المستحيلات

يخبرنا الكتاب المقدس أن إلهنا لم ولن يتغير أبداً عبر الزمان كما قال كاتب العبرانيين “يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد” ( عب 8:13). ولهذا يخبرنا الكتاب المقدس أيضاً أن كل ما كتُب في الكلمة ليس لأجل تعليمنا وتشجيعنا فحسب، بل لكي نعيش نحن أيضاً في اختبارات الإيمان العظيمة ونرى إلهنا القدير يعمل معنا اليوم كما كان يعمل في الماضي بل وأكثر.

خادم الرب د / يوحنا رضا

 

 إن كتابنا المقدس الثمين يمتلأ بأحداث و تاريخ رجال الله العظماء الذين رأوا عجائب و آيات الله فى حياتهم و اختبروا قوته المحررة و معجزات الإنقاذ لهم . و يذكر الكتاب أيضا كيف إستطاع الله أن يصنع أمورا عظيمة مستخدما أشخاص ضعفاء و بسطاء لا لأجل أى شئ فيهم بل فقط لأنهم كانوا في شركة حقيقية معه ويعيشون حياة الإيمان.

ويخبرنا الكتاب المقدس أن إلهنا لم ولن يتغير أبداً عبر الزمان كما قال كاتب العبرانيين “يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد” ( عب 8:13). ولهذا يخبرنا الكتاب المقدس أيضاً أن كل ما كتُب في الكلمة ليس لأجل تعليمنا وتشجيعنا فحسب، بل لكي نعيش نحن أيضاً في اختبارات الإيمان العظيمة ونرى إلهنا القدير يعمل معنا اليوم كما كان يعمل في الماضي بل وأكثر.

ومن بين الدروس الثمينة التي تعلمنا إياها كلمة الله كمفتاح لحياة القوة والمجد واختبار معجزات الله في الحياة، هي الصلاة. يقول الرسول يعقوب مؤكداً ومشجعاً لنا أن ” طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها” ( يع 16:5) أو بحسب ترجمات أخرى ” صلاة البار الحارة المقتدرة تكون مؤثرة وفعاله جداً”. ويُكمل حديثه في بقية الآيات ويقول أنه كما صلى إيليا في الماضي وبقيادة روح الله له لكي يُغلق السماء فأغلقت ثلاث سنوات وسته أشهر، ثم صلى أيضاً في وقت الله لكي تنفتح السماء وتمطر، فأتى المطر الغزير. هكذا نحن أيضاً اليوم مدعوون أن نختبر قيادة روح الله لنا لنصلي صلوات مؤثرة تأتي بنتائج فعالة. حقاً إن ما فعله إيليا هو مثالاً لنا لنتعلم منه ونحيا مثله.

وهناك قصة أخرى في الكتاب المقدس نجدها في الإصحاح الثاني من سفر دانيال تتحدث عن قوة الصلاة وتأثيرها . كان دانيال وأصحابه في خطر مع كل حُـكماء بابل لأن ملك بابل نبوخذ نصر حَـلَمَ حُلماً وأراد للحكماء أن يخبروه بالحلم وتفسيره .. لم يكن هذا شيئاً بسيطاً بل في الواقع كان هذا بالأمر المستحيل حتى أن الحكماء أجابوا الملك قائلين ” الأمر الذي يطلبه الملك عسر وليس آخر يبينه ( يكشف الحلم ) قدام الملك غير الآلهة الذين ليست سكناهم مع البشر” ( دا 11:2). ولكن الملك أصرَّ على موقفه وأصدر قراراً بإبادة كل الحكماء ومن بينهم دانيال وأصحابه.

فماذا حدث إذاً؟ علم دانيال بالأمر. كان دانيال رجلاً في الإيمان .. قوياً في شركته وثقته في إلهه القدير .. كان يعلم أن إلهه يصنع المستحيلات ولا يعسر عليه أمر .. وكان يعلم أيضاً أن موته هو وأصحابه ليست هي مشيئة الله، وأن الله قادر أن يتدخل لينقذه . ولأن إيمانه كان عظيماً، تقدم إلى الملك، وطلب منه أن يعطيه وقتاً لكي يجيب طلبة الملك ويعرف حلمه ويفسره له. وماذا فعل بعد ذلك ؟ اجتمع هو وأصحابه للصلاة .. وبدأوا يرفعون صلوات حارة من القلب واثقين في محبة إلههم الذي لن يتركهم ولن يتخلى عنهم، فاستجابت السماء ومدَّ الرب يده المملوءة بالبركات لأبنائه، وكَشف السر لدانيال في حلم الليل. وحينئذٍ بدأ دانيال يسبح الرب. وأريد أن أؤكد لك هذه الآية العظيمة التي ذكرها دانيال أثناء شكره وتسبيحه ” وهو يغير الأوقات والأزمنة يعزل ملوكاً وينصب ملوكاً .. ” (دا 21:2).

نعم هذا هو إلهنا العجيب والقدير .. إله يسمع ويستجيب الصلاة .. إله قريب من أبنائه ولايُغلق أحشائه عنهم .. إله يغير الأوقات والأزمنة .. إله يغير التاريخ إستجابة لصلوات شعبه وكنيسته.

هذه هي الحقيقة الهامة التي أدعوك إليها والتي يُعلنها لنا الكتاب المقدس . إن السر لم يكن في صلوات دانيال، بل في إله دانيال الذي هو إلهك أنت اليوم ، والذي ينتظر صلواتك أنت أيضاً. لذا ثق فيه وأعلن إيمانك به فتنفتح كوى السماء وتتحرك اليد القديرة صانعة المعجزات.

إن إلهنا يُسر أن يعمل الآيات والعجائب .ففي مزمور 104، أحد المزامير التي تتحدث عن أعمال الله العظيمة، يقول ” ما أعظم أعمالك يارب. كلها بحكمة صنعت . ملآنة الأرض من غناك” (مز 24:104). ولكنه يعود ويضيف لنا ” .. يفرح الرب بأعماله ” (مز 31:104) . إن إلهنا يصنع العجائب ويملأ حياتنا بغناه ومحبته، ويُسر أن يفعل هذا. إنه يُسر بسلامة ( غنى .. نجاح .. شفاء .. ) عبده ( مز 24:3). لذا تعلم أن إلهنا يفرح ويُسر عندما يعمل بقوة ويصنع أعماله وعجائبه في حياة أولاده.

وإليك مثال أخر عن امرأة غريبة الجنس كانت تعتبر في أيام الرب يسوع نجسة وكالكلاب لأنها لم تكن من شعب الرب بل من الأمم البعيدين عنه والذين ينشغلون بعبادتهم الوثنية دون العلاقة الحقيقية مع الرب. وكان لهذه المرأة أبنه تعاني من الجنون لأن بها شيطان . تخيل معي مدى المعاناة التي كانت تعيش فيها مع أبنتها.  فلما سمعت عن يسوع أتت تركض إليه وتصرخ قائلة ” ارحمني يا سيد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً” ( مت 22:15) إنها صلاة حقيقية .. صرخة من قلب يعاني ، ولكن أيضاً صرخة إيمان بها إعتراف أن يسوع هو إبن داود أي الملك والمسيا المنتظر الذي سيخلص ويشفي ويحرر .. ولهذا أعلنت احتياجها ” ابنتي مجنونة جداً” .

إن الرب يسوع لا يزال يريدنا أن نلجاً إليه لنخبره باحتياجاتنا .. وأن نصرخ من قلوبنا واثقين وممتلئين إيماناً بأنه هو القادر على كل شيء.

ما أعظم نعمة الرب ومحبته ! فبالرغم من تأخره في الإستجابة قليلاً ليجعل إيمانها وثقتها فيه تظهر أكثر وأكثر ، إلا أنه قبلها ولم يرفضها كغريبة الجنس أو نجسة، بل مدح إيمانها واستجاب لصلاتها وقال لها ” يا امرأة عظيم إيمانك. ليكن لكِ كما تريدين. فشفيت ابنتها من تلك الساعة” ( مت 28:15).

إن إلهنا لا يستجيب لفئة معينة من شعبه أصحاب مستويات روحية خاصة، كلا. إنه يسمع صراخ المسكين .. يسمع أنين القلب .. يسمع صوت الجميع . إنه لا يرفض صلاة حقيقية من قلب صادق .. لا يرفض الخاطئ عندما يأتي إليه طالباً الخلاص .. لا يرفض المريض المحتاج شفاء .. لن يقول لك أنك لا تستحق، أو أن حالتك لا تتناسب معك .. لقد جاء يطلب الضال ويسترد المطرود .

إن الرب ليدعونا إلى حياة تمتلأ بالصلوات القوية والمقتدرة . إنه يقول لنا ” اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا . اقرعوا يفتح لكم ” (لو 9:11). لهذا دعونا نستجيب لدعوته ونسأل فنأخذ ، نطلب فنجد، ولنقرع أبواب السماء فتفتح لنا وتفيض علينا بركاته .. إنه يريدنا أن نشترك معه في تغيير التاريخ بصلوات الإيمان القوية ونحن نقول له ” ليأت ملكوتك .. لتكن مشيئتك” ..نعم أيها الرب لتتحقق مشيئتك . ومقاصدك في حياتنا الروحية والشخصية وأيضاً في إجتماعاتنا وكنائسنا وبلادنا.

إننا مدعوأن أن نصلي لأجل احتياجاتنا الخاصة فنرى تغيرات الله في شخصياتنا وبيوتنا وفي أعمالنا وأيضاً علاقاتنا .. لنرى الإنقاذ وقت الاحتياج .. سنختبر الحماية والشفاء .. وفي وسط أي خراب سترى يده تمتد لتعيد البناء من جديد.

 نحن مدعوون أن نشترك معاً في الصلاة لأجل عمل الرب وامتداد ملكوت الله. إن صلواتنا يمكن أن تصنع المستحيلات .. إنها الطريق الحقيقي للنهضة . إنها تُـشعل  قلب مَنْ يصلي ولكن أيضاً لمن تصلي لأجله … إنها تشعل الإجتماعات الفاترة .. إنها تُـلهب نيران النهضة في الخدمات الخامدة .. إنها تفتح القلوب لقبول المخلص وتفتح الأبواب لعمل الله العظيم .. إنها المفتاح لسكيب روح الله بقوة ليبكت الخطاة ويقودهم إلى الخلاص الحقيقي ويؤيد الخدمة بآياته وعجائبه ومواهبه .. نحن نحتاج أن نؤمن بإله يغير الأوقات والأزمنة والتاريخ استجابة لصلواتنا .إن النهضات اشتعلت عبر الزمن بسبب صلوات أشخاص تثقلت قلوبهم بهذه الرؤية وآمنوا أن إلههم سيستجيب، فأتت الأمطار الروحية وسقطت نيران الله.

لهذا فأننا نحتاج أن نبدأ صفحة جديدة في مجال الصلاة في حياتنا ، ولنقدم أنفسنا لروح الله ليشعلنا ويعلمنا كيف نصلي صلوات حارة مقتدرة .. صلوات خالية من الفتور والشكلية والتقليدية والكلمات المحفوظة بل صلوات من القلب كصلاة هذه المرأة لإبنتها .. صلوات تمتلأ بآيات الروح القدس وصراخ القلب وإيمان عظيم بإله قدير ليحررنا روح الله من الاستسلام للأمر الواقع، ولنكن مثل دانيال عالمين بإلهنا صانع العجائب.

ولهذا أشجعك أن تعلن معي الآن أنك تقبل أن تقدم نفسك وأعضاؤك ووقتك آلات بر لله ليستخدمها بقوة روحه لصلوات فعالة .. اعط نفسك للروح القدس ليشعلك بأفكار قلبه الآن تجاهك وتجاه كنيستك وخدمتك، وربما يدفعك لصلاة لأجل نفوس وشعوب وأمم لم تراها من قبل ولكنك تعلم قلب إلهك تجاههم.

آمن معي أن إلهك قدير يسمع الصلاة وأنه يدعوك أن تثق بأن صلواتك يمكنها أن تصنع المستحيلات ، وعندما تصلي سترى يد الله تصنع العجائب.آمين.

الكاتب : د. يوحنا رضـا